لدورهم الكبير في توعية المجتمع... النظام الإيراني يتعمد إعدام الشباب والنساء

تستمر موجة القتل والقمع في السجون الإيرانية، حيث تواجه النساء والشباب والنشطاء السياسيون والمدنيون عقوبة الإعدام يومياً بحجج واهية، وهي عقوبة تُظهر ظلماً بنيوياً في القوانين والمجتمع تحمّل الدولة مسؤوليته.

شهلا محمدي

مركز الأخبار ـ بحسب إحصاءات نشرتها منظمات حقوق الإنسان، فإن عدد عمليات الإعدام في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام ارتفعت بنسبة 96 بالمئة مقارنة الفترة نفسها من العام الماضي حيث تم إعدام 261 شخصاً في إيران في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2024، و511 شخصاً في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام.

عن أسباب تزايد عمليات الإعدام في إيران، قالت شعلة باكروان والدة ريحانة جباري إن النشطاء المدنيين والسياسيين يؤكدون أن النظام الإيران يستخدم الإعدامات كأداة قمع حتى في الجرائم العادية وجرائم المخدرات، فعندما تُنشر أنباء عن عمليات إعدام في إيران، فإنها تُثير الذعر في نفوس الناس.

وأشارت إلى دعم الأهالي لعائلات السجناء المحكوم عليهم بالإعدام "أصبح الناس أكثر وعياً بعمليات الإعدام مما كانوا عليه قبل عشر سنوات حيث كان البعض يذهب لمشاهدة الإعدامات علناً، كما أنهم كانوا يؤيدون إعدام مدمني المخدرات، لكن الآن، توصل هؤلاء الناس أنفسهم إلى استنتاج أنهم لا يريدون المزيد من الأخبار حول عمليات الإعدام هذه، لذلك أعتقد أن آراء الناس حول الإعدامات قد تغيرت".

 

الأساليب التي تستخدمها السلطات الإيرانية لشرعنة الإعدام

وحول أساليب الحكومة التي تستخدمها لشرعنة الإعدام، أوضحت أن النظام الإيراني يحاول زرع الشك في نفوس الناس من خلال تعليقات أو منشورات على مواقع التواصل الافتراضي على سبيل المثال يكتبون متسائلين "هل يمكنك إخباري بجريمتها وماذا فعلت؟"، لكن أصبح الناس يبدون رفضهن حيال تلك العمليات أكثر من ذي قبل خاصة عندما يرون ثلاث نساء إحداهن عاملة اجتماعية، وأخرى ناشطة مدنية، وأخرى عملت ضد داعش، أصدرت الجمهورية الإسلامية أحكاماً بالإعدام بحقهن.

وأكدت أن "النضال ضد عقوبة الإعدام، الذي لا يزال مستمراً من قِبل النشطاء السياسيين والمدنيين، يسير على طريق جيد، مع أننا بحاجة دائمة إلى توسيع نطاقه. علاوة على ذلك، كان تأسيس الجمهورية الإسلامية بمثابة عقوبة إعدام، مما حوّل المدرسة، التي كان من المفترض أن تكون مكاناً لتعليم الطلاب ومستقبل هذا البلد، إلى مكان للإعدام".

 

أهمية تشجيع حملة "الثلاثاء لا للإعدام"

وعبرت عن مشاعر سجين يُعدم زميله في السجن "لنضع أنفسنا مكان شخص في السجن مع مجموعة من الأشخاص. شخص تشاركه الطاولة ورأيته كل يوم وقضيت معه 24 ساعة تحت سقف واحد فجأةً يأخذونه، وفي يوم الأربعاء يقولون إنه أُعدم، وهذا الأمر ليس مرة واحدة في الشهر أو السنة، بل يحدث بشكل متكرر وبأعداد كبيرة كل أسبوع، وكما نرى، تُسجل إيران أعلى عدد من عمليات الإعدام في العالم، لهذا السبب بدأ السجناء حملة "الثلاثاء لا للإعدام" قائلين 'لقد سئمنا من سماع أخبار الموت والإعدامات، لقد سئمنا من العيش مع هذه المعاناة' ولاقت هذه الحملة المستمرة منذ أسابيع دعماً كبيراً من السجناء السياسيون وغيرهم من السجناء".

وعن تجربتها مع إعدام أحد أحبائها، قالت "نحن وعائلات من فقدوا أحباءهم بالإعدام، نعلم مدى الألم الذي يخلفه هذا الجرح، ولا يتمنونه حتى لأعدائهم، لذلك يبذلون قصارى جهدهم لإعلام الناس الذين لم يسمعوا عن الإعدام إلا من بعيد، بعمق جراحهم".

وعن سبب استهداف النساء والشباب بالإعدام، بينت أن "الجمهورية الإسلامية تتعمد استهداف الشباب والنساء لأنهم هم من يحطمون حواجز الخوف ويمنحون الناس الأمل والإرادة، على سبيل المثال قامت امرأة وهي في داخل السجن بإنشاء مجلة تدعى "بامداد بيدار" وهي مجلة توجه رسائل وتدعم الإضرابات، وهذا يدل على أن هؤلاء النساء جزء واعي من المجتمع، بالإضافة إلى أن المراهقون والشباب خارج السجن واعون ولا يؤمنون بالمعتقدات التي روجت لها الجمهورية الإسلامية لأكثر من أربعين عاماً، وهم ينقلون هذا الوعي إلى المجتمع".

 

نضال المرأة ضد جرائم قتل الإنسانية

وأكدت شعلة باركوان أنه على الرغم من جهود الجمهورية الإسلامية لإسكاتهم، يبحث السجناء من الرجال والنساء عن وسيلة لإيصال أصواتهم خارج أسوار السجن "عندما تبدأ أي احتجاجات، أول ما يفعله النظام الإيراني هو قطع الإنترنت حتى لا تصل جرائمه إلى العالم".

وعن نضال النساء، تقول "تُناضل المرأة لتؤكد أنها ليست مجرمة بل إن إنسانة، ولا يحق لأحد قتلها لأي سبب كان. في الواقع، أدركت الجمهورية الإسلامية أن لديها عدواً قوياً، ولذلك تُريد التخلص منها بعقوبة الإعدام".

فيما يتعلق بالحكومات ذات السلطة التنفيذية، أوضحت "كنت على علم بالمهندس الإيراني الألماني جمشيد شارمهد عندما كان في السجن، التقت ابنته ونشطاء مناهضون لعقوبة الإعدام بوزير الخارجية الألماني وحاولوا إقناعه باستخدام سلطته، لكن لم يُتخذ أي إجراء، فالحكومات تبحث عن مصالحها الخاصة، وتسعى لتوسيع شركائها التجاريين، ودول مثل الولايات المتحدة وألمانيا والصين تبحث عن مصالحها الخاصة وإيجاد أسواق جديدة لسلعها، لذلك لا يتعاطفون معنا أو حتى مع شعوبهم، بل يسعون فقط إلى مزيد من السلطة".

وتابعت "لهذا السبب، عندما أُعدم جمشيد شارمهد، تابع وزير الخارجية نفسه الأمر وأغلق المساجد والمراكز التي كانت تديرها الجمهورية الإسلامية في ألمانيا. ومع ذلك، بعد بضعة أشهر من إعدام جمشيد شارمهد، وصل جثمانه إلى ألمانيا وأصدر الطبيب الشرعي الألماني بياناً يفيد بأن جثمان جمشيد شارمهد كان يفتقر إلى أعضاء مثل القلب واللسان، أي أنهم أزالوا هذه الأعضاء حتى لا يتضح الأمر سواء أُعدم جمشيد شارمهد أم تُوفي لسبب آخر. الغريب أنه بعد مراسم الجنازة، أُعيد فتح المساجد والقنصليات التي كانت مغلقة، وهذا خيّب آمالنا، فلم نعد نلجأ إلى الحكومات والسياسيين طلباً للمساعدة، بل كنا نعتمد فقط على أنفسنا، ونشارك معاناتنا مع شعوب الدول الأخرى".

 

رسالة تطالب بالنهوض ضد الانتهاكات التي تمارسها السلطات الإيرانية

وفي ختام حديثها، وجهت شعلة باكروان رسالة للعائلات التي تأخر إبلاغهم بأحكام أبنائهم "لا تنخدعوا بالنظام القضائي الإيراني، فهو يفتقر إلى نظام موحد. تحدثوا عن أبنائكم فور انعقاد المحكمة وإصدار أول حكم إعدام. لا تدعوا المجتمع يجهل أمر أبنائكم. لا تنخدعوا حتى بالمحامين الذين يبثون فيكم الأمل. انشروا الفيديوهات فور إعلان المحكمة حكم الإعدام بحق أبنائكم. لا تصمتوا. سيقتلون أبناءكم وستحزنون ولن تسامحوا أنفسكم أبداً على صمتكم".