قلق أممي من استمرار عمليات الترحيل الجماعي للاجئين الأفغان
أعربت الأمم المتحدة عن قلقها من ترحيل إيران لأكثر من مليون ونصف لاجئ أفغاني هذا العام، بينهم آلاف الأطفال، وسط تقارير عن انتهاكات جسيمة بحقهم عند الحدود والتي تعتبر خرق للقانون الدولي.

مركز الأخبار ـ في الآونة الأخيرة شهدت إيران وباكستان وألمانيا، تصعيداً ملحوظاً في حملات الترحيل القسري بحق اللاجئين الأفغان، رغم استقبالهم ملايين منهم في السنوات الماضية، غير أن السياسات الحالية باتت أكثر تشدداً تجاه الأفغان خاصةَ غير المسجلين مما أدى إلى موجة جديدة من الإبعاد الجماعي.
نشرت مقررة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في إيران ماي ساتو أمس الجمعة 18 تموز/يوليو، بياناً أعربت فيه عن قلقها إزاء عملية طرد اللاجئين الأفغان من إيران جاء فيه "لقد تلقيت تقارير تشير إلى أنماط مثيرة للقلق من الاحتجاز التعسفي، وتدمير وثائق الهوية، وسوء المعاملة عند المعابر الحدودية ومخيمات المهاجرين".
وأشار البيان إلى أن إيران أعادت أكثر من مليون ونصف المليون مواطن أفغاني إلى بلادهم منذ بداية العام الجاري، وقد ازدادت عمليات الإعادة القسرية والترحيل بشكل ملحوظ بعد الصراع العسكري بين إيران وإسرائيل خاصةً بعد 13 حزيران/يونيو الماضي، وفي الفترة من 16 إلى 19 تموز/يوليو الجاري، وتجاوز متوسط عدد عمليات الترحيل 29 ألف و600 شخص يومياً، وفي حزيران/يونيو وحدها رُحِّلت قرابة خمسة آلاف طفل غير مصحوبين بذويهم من إيران، حتى أن بعض حاملي وثائق الإقامة كانوا هدفاً للترحيل".
الترحيل الجماعي انتهاك واضح للقوانين الإنسانية
وأوضح البيان أن المنظمة تلقت تقارير تُشير إلى نمط مُقلق من الاحتجاز التعسفي، وإتلاف وثائق الهوية، وسوء المعاملة عند المعابر الحدودية وفي مخيمات اللاجئين، وقد أجّجت مزاعم أمنية واسعة النطاق المشاعر المعادية لأفغانستان، حتى أن بعض الأشخاص الذين يحملون وثائق إقامة تم ترحيلهم قسراً، على الرغم من أن أفغانستان لا تزال غير آمنة في ظل حكم طالبان، مؤكداً على أن هذه العودة الجماعية تعتبر انتهاك واضح للقانون الدولي.
ولفت البيان إلى أن الفئات الضعيفة بمن فيهم النساء والأطفال والأقليات تعرضوا خلال عمليات الترحيل لخطر الاضطهاد والعنف الشديد "لا ينبغي إعادة أي شخص إلى مكان يواجه فيه خطر الاضطهاد وانتهاكات حقوق الإنسان".
وأكد البيان على أن عملية الإعادة القسرية للمهاجرين غير الشرعيين في باكستان لا تزال مستمرة، والتي بدأت في تشرين الأول/أكتوبر 2023، وقد أسفرت هذه الخطة عن عودة أكثر من 150 ألف أفغاني، بمن فيهم أطفال منذ كانون الثاني/يناير الماضي.
وكشفت تقارير عن معاملة مُقلقة للمهاجرين عند المعابر الحدودية وفي المخيمات، تتراوح بين الاعتقالات التعسفية، وإتلاف وثائق الهوية، وسوء المعاملة على نطاق واسع، كما أججت مزاعم أمنية لا أساس لها ضد الأفغان مشاعر العداء تجاههم، حتى أن بعض الأشخاص الذين يحملون وثائق إقامة قانونية كانوا ضحايا عمليات ترحيل حديثة.
وازدادت الأزمة في أفغانستان تعقيداً منذ عودة هذه الفئة المستضعفة، فالبلاد التي لا تزال تواجه انعدام الأمن والفقر وأزمة المناخ والانتهاكات الجسيمة لحقوق النساء والفتيات في ظل حكم طالبان، تضم الآن أكثر من 22.9 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
ولم يسبق للكثير من هؤلاء الأطفال العائدين رؤية أفغانستان قط، بل أمضوا حياتهم في إيران أو باكستان، وتشكل عودتهم المفاجئة إلى بلد غير مألوف لهم مستقبلاً غير مؤكد ومحفوفاً بالمخاطر بالنسبة لهم، خاصة بالنسبة للفتيات اللاتي ستواجهن قيوداً قانونية واجتماعية واسعة النطاق في أفغانستان.
ووصف خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة هذه الإجراءات بأنها انتهاك صارخ للقانون الدولي، محذرين من أن عمليات الإعادة الجماعية تُعرّض النساء والأطفال والأقليات لخطر العنف والمضايقة والاضطهاد، داعين إلى وقف فوري لعمليات الطرد القسري هذه وزيادة الدعم الإنساني الدولي.
تحركات أوروبية مشتركة لفرض قيود على اللجوء
كما أقدمت ألمانيا أمس الجمعة 18 تموز/يوليو، على ترحيل 81 أفغانياً إلى العاصمة كابول، في ثاني عملية من نوعها منذ استيلاء حركة طالبان على الحكم في آب/أغسطس 2021، وهي خطوة انتقدتها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مطالباً بوقف فوري لجميع عمليات إعادة اللاجئين وطالبي اللجوء الأفغان قسراً، لا سيّما المعرضين لخطر الاعتقال أو التعذيب.
وأكدت المتحدثة باسم مكتبه رافينا شامداساني، أن الظروف في أفغانستان "بالغة الخطورة"، معتبرة أن العودة إلى هناك تنتهك مبدأ "عدم الإعادة القسرية" الذي يحظر ترحيل الأشخاص نحو بلد يتهددهم فيه خطر انتهاك حقوقهم الأساسية.
وجاءت هذه العملية بالتزامن مع اجتماع وزاري في جنوب ألمانيا ضم وزراء داخلية خمس دول أوروبية، إلى جانب مفوض الشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي، بهدف تشديد سياسات الهجرة واللجوء داخل التكتل، واتفق المشاركون على خطوات، من بينها تسهيل عمليات الترحيل إلى دول مثل أفغانستان وسوريا، وإزالة العقبات القانونية لنقل طالبي اللجوء إلى مراكز خارج الاتحاد الأوروبي.